الذكاء الاصطناعي ضمن اهتمامات البرلمان المغربي: قراءة في المبادرات والالتزامات
شهدت السنوات الأخيرة تحوّلاً نوعيًّا في النقاشات العمومية والسياسات الوطنية والدولية حول موضوع الذكاء الاصطناعي، الذي لم يعد مجرّد تقنية متقدمة، بل أصبح توجّهًا استراتيجيًا عابرًا للقطاعات. ويجمع الخبراء وصناع القرار على أنّ الذكاء الاصطناعي يشكّل إحدى الدعائم الأساسية للثورة الصناعية الرابعة، وأنّ الدول التي تسارع إلى بلورة رؤى تنظيمية وتشريعية شاملة في هذا المجال، هي التي ستتمكّن من تسخيره كرافعة للتنمية المستدامة والعدالة الاجتماعية.
في هذا السياق، يبرز سؤال دور المؤسسة التشريعية بإلحاح، سواء على مستوى مواكبة هذا التحول التكنولوجي باعتباره أفقًا استراتيجيًا، أو على مستوى ممارسة وظائف الرقابة والتشريع والتقييم بما يضمن انسجامه مع الحقوق والحريات، ويؤطّر استعمالاته وفق ضوابط قانونية وأخلاقية واضحة.
يهدف هذا التقرير إلى تقديم قراءة تركيبية للمبادرات البرلمانية في مجال الذكاء الاصطناعي، سواء عبر المبادرات التشريعية، أو الأسئلة الكتابية والشفوية، أو عبر عمل مجموعة العمل الموضوعاتية المؤقتة حول “الذكاء الاصطناعي آفاقه وتأثيراته” بمجلس النواب، إلى جانب استعراض الالتزامات المتعلقة بالذكاء الاصطناعي الواردة في خطة مجلس النواب الثالثة (يونيو 2025 – يوليوز 2028)، في إطار مبادرة الشراكة من أجل حكومة منفتحة.
كما يهدف التقرير إلى إبراز مدى تطوّر النقاش البرلماني حول الذكاء الاصطناعي، ومدى قدرته على التفاعل ومواكبة التطورات التكنولوجية والتحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يشهدها المغرب والعالم. وهو في الآن ذاته دعوة إلى التفكير في سبل تعزيز الأداء البرلماني في هذا المجال، من خلال تطوير قدرات الفاعلين البرلمانيين، وتأطير الحوار المؤسساتي حول رهانات الذكاء الاصطناعي، ضمن نسق تشريعي وطني متناسق ومتكامل.
