من التنصيص الدستوري إلى التفعيل العملي: الحق في الحصول على المعلومات في المغرب وواقع الوعي المجتمعي

يعود تاريخ اعتماد أول قانون ينظّم ولوج المواطنين والمواطنات إلى المعلومات إلى سنة 1766، حينما اعتمد البرلمان السويدي قانون حرية الطباعة والصحافة. وبعد قرنين تقريبًا، جاء الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) ليكرس الحق في الحصول على المعلومات كحقّ أساسي من حقوق الإنسان، ممهّدًا الطريق أمام موجة أولى من القوانين التي تضمن حرية الولوج إلى المعلومات في كل من فنلندا (1951)، والولايات المتحدة الأمريكية (1966)، والدنمارك والنرويج (1970)، إلى جانب فرنسا وهولندا (1978)، وأستراليا ونيوزيلندا (1982)، ثم كندا (1983).
أما الموجة الثانية، فتشكّلت من 29 دولة اعتمدت قوانين الولوج إلى المعلومات بعد صياغة دساتير جديدة وانتقالها إلى الديمقراطية، عقب انهيار الاتحاد السوفياتي. فيما تشكّلت الموجة الثالثة من 13 دولة ذات تقاليد ديمقراطية، اعتمدت هذه القوانين في إطار تحديثها الإداري. ومنذ مطلع الألفية الثالثة، ارتفع عدد الدول، خاصة الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط المنخفض، التي اعتمدت قوانين الولوج إلى المعلومات. وحسب منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، فقد بلغ عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة التي اعتمدت ضمانات دستورية أو قانونية أو سياسية للولوج العام إلى المعلومات 139 دولة في سنة 2025.
ويندرج المغرب ضمن الفئة الأخيرة، حيث أقر ضمانات دستورية وقانونية ترسّخ الحق في الحصول على المعلومات، إذ نصّ دستور المملكة لسنة 2011 على هذا الحق ضمن الحقوق والحريات الأساسية، لاسيما في الفصل 27 منه. وفي هذا الإطار، جاء القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات ليُحدد مجال تطبيقه، وشروط وكيفيات ممارسته. وقد شكّل اعتماد هذا القانون تتويجًا لسنوات عديدة من الترافع المدني والسياسي، والتراكم المؤسساتي في ترسيخ ثقافة الشفافية والحكامة الجيدة.
ويهدف هذا التقرير، في جزئه الأول، إلى تسليط الضوء على المراحل التي قطعها الحق في الحصول على المعلومات بالمغرب، بدءًا من الجهود الترافعية المدنية والسياسية من أجل اعتماد قانون ينظّم هذا الحق، مرورًا بـالتنصيص الدستوري عليه كحق أساسي، ووصولاً إلى صدور القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات. ويغطي التقرير، في جزئه الثاني، الجهود المدنية المبذولة لمواكبة تنزيل هذا الحق، وانعكاساتها المباشرة على الرفع من الوعي العام وإدراك المواطنين والمواطنات له.
للإطلاع على التقرير